مرايا – اعتبر سياسيون ومراقبون أن للحذر الأردني حيال الانفتاح على إيران مبررات معينة، وترتبط إلى حد كبير بتفاوت تقييم الأردن لمواقف المؤسسات الإيرانية بشأن العلاقة مع عمان. فيما دعا مسؤولون سابقون إلى “حوار صريح عربي إيراني على قاعدة احترام المصالح المتبادلة”.
وفيما يرى سفير سابق أن العلاقة المشوبة بالحذر خلقتها تدخلات إيرانية في المنطقة العربية من جهة، وعدم احترام سيادة واستقلال دول مثل سورية والعراق ولبنان واليمن من جهة أخرى، يرى مسؤولان سابقان ضرورة التزام إيران “إذا ما أرادت التقرب من الأردن، احترام استقلال الدول العربية، وأن تتفهم مصالح الدول الأخرى، وتنأى بنفسها عن مفهوم التوسع والتدخل بشؤون تلك الدول”.
وتراوحت مسيرة العلاقات الأردنية الإيرانية بين القطيعة والدبلوماسية الحذرة منذ العام 1979، تاريخ سقوط نظام الشاه محمد رضا بهلوي ووصول الثورة الإسلامية إلى الحكم، حيث توترت العلاقات أكثر بعد مساندة الأردن للعراق في حربه مع إيران خلال الأعوام 1980 -1988، فيما عادت العلاقات الديبلوماسية بين عمان وطهران بعد وفاة زعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني العام 1989، إلى أن أغلق الأردن مكاتب حركة مجاهدي خلق المعارضة لإيران في عمان، العام 1991.
كما تعثرت العلاقات الأردنية- الايرانية وتعقدت بعد تأييد عمّان لأبو ظبي في أزمة الجزر الإماراتية الثلاث المتنازع عليها بين الإمارات وإيران، وكذلك إثر غزو العراق العام 2003 واندلاع ثورات الربيع العربي 2011 واستغلال إيران لتداعياتها للتمدد في المنطقة.
والمعروف أن الأردن الذي يترك النوافذ مفتوحة دائما، لا يقبل عزله عن محيطه العربي، فيما يبقي على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف، وهي ضرورة تفرضها المصالح المتبادلة، وذلك على الرغم من الأردن لا يتحكم بالجغرافيا لكون إيران جارة مسلمة، وفق الخبراء.
في السياق، يؤكد وزير الخارجية الأسبق كامل أبو جابر، أن “على الإيرانيين أن ينظروا إلى التزامات الأردن ويتفهموا أوضاعه بكل أبعادها، فهو وسط منطقة ملتهبة، فيما لا يصب الإبقاء على علاقات سيئة مع الأردن، في مصلحة البلدين”.
وأكد أن “على إيران، إذا ما أرادت التقرب من الأردن، احترام استقلال سورية والعراق واليمن ولبنان، وأن تتفهم مصالح الدول الأخرى، وتنأى بنفسها عن مفهوم التوسع والتدخل بشؤون تلك الدول”.
فيما يعتبر السفير الأردني السابق في سورية عمر العمد إن “من المؤسف أن تمارس إيران تبادل الأدوار، فتارة تسمع منها المجاملة لمحاولة الاقتراب من الأردن، وفي الوقت ذاته فإن مؤسساتها الداخلية ضد الأردن، ومنها القدس والحرس الثوري”.
وأضاف: “من الصعب الوثوق بالتوجهات الإيرانية تجاه الأردن، فالسياسة الإيرانية الآن تفكر حاليا في إبعاد الأردن عن محيطه العربي، وخاصة السعودية والإمارات، ولكن هذا سيكون ثمنه كبيرا على الأردن، لأنه من الصعب الوثوق بالسياسات والمواقف الإيرانية”.
وتابع: “ما تزال إيران تؤمن بتصدير الثورة وتمارس تدخلاتها بطرق مختلفة”، معبرا عن اعتقاده أن “من الصعوبة بمكان الوثوق بالوعود والمواقف الإيرانية، إذ إنهم يتحدثون بالسياسة عن استراتيجيات وتكنيك، بيد أنهم في الوقت نفسه، يخططون لهدف استراتيجي يمكن من خلاله عزل الأردن عن محيطه العربي”.
واستدرك العمد انه “إذا كان هناك تفكير في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران، فالخيار لا يتعلق بالأردن، بل لأن إيران لن تتخلى عن طموحاتها وإعادة السيطرة على محيطها العربي”.
من جهته، أشار وزير الداخلية الأسبق سمير الحباشنة إلى أنه يؤيد “سياسة أردنية متوازنة ومنفتحة”، معتبرا أن “ديدن الأردن إبقاء أبوابه مشرعة بعلاقاته الوطيدة مع مختلف الأطراف، العربية وغير العربية”.
واستدرك بالقول إن “إيران جارة، ولا تستطيع أن تغير جارك الجغرافي، فالأردن له مصالحه وكذلك إيران، ونحتاج كعرب إلى عدم التفكير بإمكانية المواجهة مع إيران، إذ إن المواجهة المحتملة لن يخرج منها فائز”.
ولفت إلى أهمية وجود حوار صريح عربي ايراني على قاعدة احترام المصالح المتبادلة، والانتهاء من “تصدير الثورة، والتدخل السافر في شؤون الأقطار العربية”.
وقال: “إذا لم يكن هناك بد من فتح علاقات أردنية- إيرانية، فيجب أن تكون في سياقها العربي، وبناء العلاقات في محيط متوازن”.
وقال: “لست مع تصنيف إيران كدولة عدو، لكن الإشكاليات مع إيران على اختلافها، يمكن حلها على مائدة المصارحة والمكاشفة عربيا وإيرانيا”.
ويظل أن مواقف الخبراء والسياسيين ليست بعيدة عن الموقف الرسمي الذي عبر في أكثر من مناسبة، عن مواقف المملكة المعلنة من التدخلات الإيرانية في الشؤون الداخلية للدول المجاورة، والوقوف ضد تدخلاتها في أمن الخليح الذي هو أمن أردني”.
وأعربت المواقف الأردنية عن أنها “تسعى دائما إلى التواصل والتأكيد على هذه الثوابت، بما يعزز الأمن والاستقرار الإقليمي الذي يصب في مصلحة الجميع”.