مرايا –
في البدء علينا أن نعرف بثقة مطلقة أن الأردن دولة آمنة مستقرة» وسط حالة إقليمية ودولية مضطربة تؤثر على أحوال الأردن والأردنيين.. فهذه حرب الإبادة الإسرائيلية تحرق وتخرق كل شيء فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، والانتهاكات المتواصلة لقوات الاحتلال للأراضى اللبنانية والسورية لا تتوقف، والأوضاع فى البحر الأحمر غير مستقرة، وتداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية تطال الجميع بلا استثناء.
أضف إلى ذلك الاقتتال والحروب الدائرة حولنا وعدم الاستقرار فى سوريا وليبيا والسودان والصومال واليمن ولبنان.. وأمام ذلك تدور حروب أخرى موجهة إلى الأردن والأردنيين، وتأتي حرب الشائعات والأكاذيب في مقدمتها، وتلعب ميليشيات الخارج دورا كبيرا فى هذا الاتجاه. ولكن «الأردن القوي» يواجه ذلك بمؤسساته ووعى شعبه، وينتصر دائما وتبقى له اليد الطولى.
بكل واقعية، وبما لا يقبل أدنى شك، الأردن مستهدف من جهات خارجية، ولن أخرج عن النص إذا ما أوردت بصريح العبارة ما حدث معي شخصيا خلال عطلة العيد.. فما إن صحوت باكرا من نومي وقمت بتشغيل هاتفي الجوال، وبدأت في استعراض ما ورد إلي عبر تطبيق «واتس أب» حتى فوجئت برقم دولي «غير مخزن» في قائمة الأسماء الموجودة في هاتفي، بعث برسالة طويلة تنهش أسماء وشخصيات ومسؤولين وتتهمهم بشتى أنواع الفساد وتطال الأعراض وقذف المحصنات الغافلات، بلغة اتهامية عابقة بالانحطاط والإساءة للأردن والأردنيين.
وتأكيدا على ما ورد أعلاه، أقسم لي بأغلظ الأيمان مسؤول تربوي وحقوقي، هو الدكتور أمجد لمبز الشركسي، أن فيديو منسوبا لتظاهرة في إحدى المحافظات ورده من رقم خارجي في أمريكا، وتبين أن الفيديو مفبرك وقديم وتمت دبلجته بما يتناسب مع الحملات الخارجية القذرة والمشبوهة لزعزعة الأمن في الأردن والتحريض على الفتن والفوضى.
بكل تأكيد، فإن وعي الأردنيين وتمسكهم بدعم دولتهم وتصديهم الحاسم لجماعة الكذب والفتنة أفسدت المخططات وما زالت، فالحرب لن تتوقف، والهدف إشعال الفتنة وإحداث انقسام، وصناعة فجوة بين المواطن ومؤسسات الدولة، لكن التصدي السريع والقوي يجهض كل هذه المحاولات.
وعليه، فإن ملف «الشائعات والأكاذيب» يفبركها «تجار الحروب» المكلفون بإثارة الفتنة بالمعلومات المغلوطة، على الصعيد المجتمعي والاقتصادي والسياسي، من أجل تقسيم المجتمع والتأثير عليه سلبا واستنزافه على صعيد الفكر والخطط وخلق مشكلات مستندة إلى الوهم، باعتبارها أحد أنماط الحروب غير المتناظرة، الأقل تكلفة والأكبر تأثيرا، لتحقيق أهداف العدو، مما يضر بالأمن والمصالح العليا لأي دولة مستهدفة.
وإن بث الشائعات والأكاذيب والافتراءات أخطر أسلحة الحروب النفسية التي تستهدف تحطيم الروح المعنوية، وباتت سلاحاً إلكترونياً لبث الشائعات المغرضة والأكاذيب للتشكيك في الإنجازات وتزييف الحقائق لخلق عدم الثقة وتزييف الوعي ونشر حالة من الإحباط بين أفراد المجتمع.
ومن هنا، فإن المواجهة القانونية مطلوبة بقوة، وبات على المشرع الجنائي مواجهة نشر الشائعات بتغليظ النصوص العقابية لتكون رادعة لهذا السلوك الإجرامي، ولتصل عقوبة جريمة نشر الشائعات التي تضر بالأمن القومي إلى «المؤبد»، وكذلك تغليظ عقوبات نشر الأخبار الكاذبة بحسب ظروف كل واقعة وملابساتها، ومعاقبة ناقل الشائعة (مروجها) من خلال «التشيير» على السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعي بعقوبة مطلق الشائعة، فكل منهما يعد فاعلاً أصلياً فى الجريمة يستوجب العقاب.
على كل حال.. إن الجرائم الإلكترونية بدأت تأخذ طابعا تصاعديا، وهي في الغالب جرائم تتعلق بالإساءة للوطن، وسمعة رموزه ورجاله وأجهزته، بهدف الإضرار بالأمن الوطني الأردني، وما يرافق ذلك من أفعال مشينة تتنوع بألوان «حربائية» وتختار سلعتها وتوقيتها بدقة، وكل ذلك يمكن تأطيره بأن الأردن في هذه الظروف الدقيقة مستهدف. ومع ذلك يبقى الرهان على المواطن الأردني في تفويت الفرصة على تلك «الفئران الصامتة» التي تبث رذائلها من «جحورها الخارجية» في الإبلاغ الفوري لأجهزتنا الأمنية عن مصدر أي فيديو أو بيان أو مقال أو منشور مسيء، وعدم تداوله أو إعادة نشره للآخرين، لأنه بهذا الفعل الشائن يكونون معرضين للمساءلة القانونية والملاحقة القضائية والأمنية، فهذا الأمر جريمة بحق الوطن.. مع سبق الإصرار والترصد.
الدستور