مرايا –

في الوقت الذي بدأ الناشطون في الولايات المتحدة الأميركية إطلاق حملة المقاطعة من منطلق يقول بأن مواقع التواصل باتت القوى المؤثرة الأولى في العالم وهي من تحرك الدول للمسارعة في وقف العدوان، لذلك وجب على كل مؤثر أن يستمر في النشر وأن لا يتوقف عن دعم قطاع غزة في قصصه اليومية ومنشوراته، وإذا غاب ذكرهم ومارس أنشطة حياته اليومية وكأن شيء لم يحدث في غزة وجب حظره ومقاطعة محتواه.

وعليه، وسم “مقاطعة المشاهير” تصدر منصات التواصل الاجتماعي بعد انطلاق حملة مقاطعة عالمية لحساب كل مؤثر ومشهور لا يتفاعل مع الأحداث الحاصلة في غزة ولا يندد جرائم العدوان الصهيوني في فلسطين.

 

واللافت إن تلك المقاطعة لاقت اهتمامًا واسعًا من معظم شعوب العالم ليعتلي الوسم الخاص بها منصات التواصل في غضون ساعات قليلة، فيما بدأ الآلاف بإزالة المتابعة وحجب حساب كلّ متخاذل اتجاه القضية.

 

ونشر بعض المتابعين قائمة بالمشاهير الأكثر متابعة حول العالم، وحساباتهم عبر موقع “إنستغرام” في دعوة من أجل وقف متابعاتهم، كما وأوصى الناشطون الذين حرصوا على نجاح حملة المقاطعة بالتوجه الى محركات غوغل، والبحث عن المشاهير الأكثر متابعة؛ لأن ويكيبيديا لديها قائمة وفقاً للإعلانات، لوقف المتابعة بشكل أسهل.

 

تأثير المقاطعة على المشاهير

 

حجم التفاعل أو ما يُسمى بـengagment rate، بالقطع يتأثر به الشخص المشهور على مواقع التواصل؛ إذ إنه لا معنى لوجود صفحة عليها مليون متابعة ولا يوجد حجم تفاعل أو تعليقات يوازي حجم الإعجابات، وهذا سيخفض من حجم المعلنين على صفحته وبالتالي يخسر آلاف الدولارات.

 

نجاح المقاطعات السابقة

 

قالت الغالبية العظمى في استطلاع للرأي أجراه موقع الجزيرة نت إن المقاطعة الشعبية للمنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل نجحت على نطاق واسع في الإضرار بهذه العلامات التجارية، كما توقع محللون أن تتراجع النتائج المالية لتلك العلامات التجارية خلال الربع الأخير من العام الحالي.

 

وانطلقت حملات شعبية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي وانتقلت إلى أرض الواقع لمقاطعة المنتجات والشركات التي يُعتقد أنها تدعم إسرائيل في حربها ضد قطاع غزة.

 

وصوّت 91% من المشاركين في استطلاع الجزيرة نت بـ”نعم”، بينما صوت 9% بـ” لا” عن سؤال “هل نجحت المقاطعة الشعبية للمنتجات والشركات الداعمة لإسرائيل؟”.

 

وشارك في هذا الاستطلاع بشكل مباشر 703 أشخاص، بينما نال الموضوع إعجاب 2926 آخرين، وجرى هذا الاستطلاع على حساب “اقتصاد الجزيرة نت” في منصات فيسبوك وتويتر وإنستغرام.

 

وتضررت عدة شركات جراء هذه الحملات الشعبية، كان أبرزها مجموعة ستاربكس التي تكبدت خسائر في قيمتها السوقية ناهزت 11 مليار دولار خلال فترة وجيزة بتأثير من المقاطعة وإضرابات الموظفين لتحسين أوضاعهم وضعف أداء الحملات الترويجية.

 

خسائر ضخمة

 

وتواصلت قناة الجزيرة مع محللين لاستطلاع آرائهم بشأن تأثيرات المقاطعة الشعبية للمنتجات الداعمة لإسرائيل، وعبّر هؤلاء عن قناعتهم بأن هذه المقاطعة نجحت حتى الآن في الإضرار بالشركات التي يعتقد أنها تدعم الاحتلال في حربها المدمرة على قطاع غزة وهجماتها المتكررة على العديد من البلدات الفلسطينية في الضفة الغربية.

 

وقال مصطفى فهمي، الرئيس التنفيذي للإستراتيجيات والأسواق الناشئة بشركة فورتريس للاستثمار إن “الشركات الداعمة لإسرائيل تأثرت بشكل كبير بسبب حملات المقاطعة”.

 

وأضاف في حديثه “لو سلّطنا الضوء على منطقة الشرق الأوسط فقط سنجد أن فروع هذه المؤسسات تعاني بشكل كبير، كما أن هذا الوضع سينعكس سلبا على إيرادات الشركات الأم أيا كان مقرها أكانت في الولايات المتحدة أو بريطانيا أو غيرها”.

 

وعبّر عن اعتقاده بأن النتائج الحقيقية لحملات المقاطعة عادة ما تظهر بعد شهرين أو أكثر، وقال إن التأثيرات السلبية ستكون ضخمة.

 

وبخصوص شركة ستاربكس -التي ما يزال سهمها يعاني من أجل تقليص خسائره- قال فهمي إن “الشركة ما زالت تواجه حملة المقاطعة على المستوى العالمي ولم تستطع أن تغير نظرة المستهلك اتجاهها رغم العروض الترويجية لأن المستهلك الآن ينظر إليها على أنها شريك في دعم الاحتلال”.

 

ورأى أن ستاربكس ستواجه العديد من التحديات في المستقبل، وتوقع “أن تكون نتائجها المالية للربع الرابع سيئة للغاية وستنعكس على إجمالي النتائج السنوية”.

 

وتابع “نستطيع أن نسقط هذا الوضع على كامل الشركات التي أيدت أو دعمت جيش الاحتلال بأشكال مختلفة”.

 

من جهته قال المتخصص في الاقتصاد السياسي مطانس شحادة: “من حيث المبدأ من المفروض أن تؤثر حملات المقاطعة على الشركات الأميركية وعلى قراراتها الداعمة”، وأضاف في حديث للجزيرة نت “هذا نوع من أنواع الضغط الشعبي”.

 

لكنه استدرك بالقول “لا توجد معطيات يمكن الارتكان إليها لتقييم حجم هذا التأثير، وما مدى المقاطعة الشعبية”.

 

واستطرد: “المقاطعة دعم معنوي وطريق للضغط على الشركات.. وفي جميع الحالات هي جيدة ومؤثرة”.

 

ومن بين الشركات والعلامات التجارية العالمية التي سارعت لإظهار تأييدها الكامل للجيش الإسرائيلي مطاعم ماكدونالدز، وبابا جونز وبيرغر كينغ، وشركة كارفور الفرنسية المالكة لسلسلة متاجر البقالة، ومقاهي ستاربكس، وشركات أدوية ومنظفات، ما أدى إلى تراجع مبيعات هذه الشركات في العديد من الدول الإسلامية.