بهدوء

عمر كلاب

ملفت ان يتصدى اردني من اصل فلسطيني مقيم في الامارات, لتخليص الكيان الصهيوني من ازمته, على حساب الاردن وفلسطين في أن واحد, والهدف تنظيف الكيان الصهيوني من ازدراء المجتمع الدولي وغسله من اثام الاحتلال والاستيطان فهو مجرد مسيطر على الضفة الغربية وقطاع غزة, كما يقول حسن اسميك في مقالة حملت توقيعه في المجلة العالمية “فورين بوليسي”, واقتبس “….حينها أيضا ستتخلص إسرائيل أخيراً من الأعباء القانونية الناجمة عن سيطرتها على الضفة الغربية، ومن كل ما يُضر بسمعتها وعلاقاتها العامة، فتتمكن من تفادي ازدراء المجتمع الدولي“.

طبعا المقال يعجّ بالمغالطات التاريخية والسياسية, ويبدو انه تظهير اجرائي لمفهوم الديانة الابراهيمية, التي تبنتها الامارات العربية والبحرين, وتصدى حسن اسميك لتقديمها على شكل كيكة سياسية, مغطاة بطبقة كريما على شكل هبات ونعيم اقتصادي, ولكنها محشوة بالقطران والزجاج المهشم, مع الاعتذار للاستاذ بلال التل, الذي استخدم هذا الوصف ذات مقالة في تسعينيات القرن الماضي, فالمليونير يرى المشهد من زاوية مالية واقتصادية, ونحن نراها من زاوية قومية ووطنية.

في العام 1949 وعندما تم طرح موضوع الوحدة بين الاردن وفلسطين, وتم تنفيذه في العام 1950, قدمت فلسطين ارضا وشعبا, وقدم الاردن ارضا وشعبا, لذلك نجحت دولة الوحدة, وقامت على اسس متساوية, فالفلسطيني لم يأت الى الاردن وافدا, بل كان معه اولى القبلتين وثالث الحرمين, والحرم الابراهيمي ومدن دهرية مثل اريحا ونابلس, وكانت السلط والكرك وجرش وعجلون ايضا ممالك ومدن دهرية, وانصحه بمراجعة مدن الديكوبولس العشرة.

اليوم وبعد ان قدم الفلسطينيون عشرات الالاف من الشهداء ومثلهم من الاسرى والجرحى, وقدم الاردن دماء زكية على ارض الوحدة وارض فلسطين, يأتي الينا من يريد احياء الوحدة القومية على اسس اقتصادية تخدم مشروع الصهاينة, فالوحدة مطلوبة, ولكن بين دولتين, وبعد تحرير فلسطين, وليس قبل ذلك, اما ان يقول الكاتب – اذا كان فعلا كاتب المقال- بأن يقوم الجيش العربي المصطفوي, الذي حافظ على طهر العقيدة , بحماية إسرائيل، واقتبس ” سيضمن الاتفاق أيضاً الاعتراف بدور قوات أمنية أردنية”, فهذا فجر وكفر ناجمان عن قلة معرفة بعقيدة الجيش العربي – القوات المسلحة الاردنية– .

لا يكتفي اسميك, بشطب فلسطين عن الخارطة الكونية, باقتراحه اسم الاردن الموحد على الدولة الجديدة الناجمة عن الضم, بل يفتح الافاق لتعاون مثالي يصب في مصلحة الكيان الصهيوني بالكامل, واقتبس ايضا, “ستستفيد إسرائيل، لعقود عديدة آتية، من بيع التكنولوجيا للعالمين العربي والإسلامي. وبالمثل، سوف تستفيد الأسواق العربية من توظيف قوة عاملة إسرائيلية محترفة ومدربة تدريباً ممتازاً“.

يجود علينا اسميك في الخواتيم بما يكفل شبه هوية مشتركة في دولة يكون اسمها ” المملكة الاردنية الفلسطينية الهاشمية” تكفل مواطنة كاملة لجميع مواطنيها بمن فيهم المستوطنون الصهاينة الذين يودون البقاء في الدولة الجديدة اما لسبب ديني ” ارض الميعاد” واما لسبب اقتصادي مع منحهم كوتا في برلمان الدولة الجديدة, ناسيا ان ذلك يحقق الاكذوبة الصهيونية بان الاردن هو فلسطين, ولعل هذا ما قصده اسميك تماما, فهو يحمل مشروع التظهير السياسي للديانة الابراهيمية, لكن بضاعته بائسة وحلوله تصفوية اكثر من تصفوية اليمين الصهيوني, او كما قال محمود درويش ” سبايا نحن في هذا الزمان الرخو, سلمنا الغزاة الى اهالينا“.

بضاعة اسميك بائسة, ودولاراته اجزم بانها مغموسة بالعار, فالوطن ليس مزادا, والارض وديعة او امانة يسلمها جيل الى جيل, فليرحل هو ومقترحاته, الى غير رجعة, ولا اريد ان استخدم لفظا آخر.

omarkallab@yahoo.com