مرايا – فتاة بداخلها شيطان، أعطاها القوة لرفض أي علاقة جنسية مع زوجها، فوصفت حالتها بأنها “محسودة”، لتتجه من بعدها إلى السحرة والمشعوذين، أو في أحيان أخرى إلى الأطباء النفسيين.

هذه قصة سمية. سيدة على مشارف الثلاثين عاماً، قضت خمس سنوات من الزواج بلا أبناء أو علاقة جنسية كاملة، وأمضت نصف هذه الفترة في الألم واليأس وجهل ما تعاني منه تحديداً. ذهبت سمية إلى كبار المستشارين والأطباء في النساء والولادة، ولم تشخص بمرض عضوي. وتم تحويلها إلى طبيب نفسي لم يزد الأمر إلا سوءا بالعلاج بالعقاقير النفسية.

وتصف سمية تجربتها تلك “بالجحيم”، إلى أن شاهدت فتاة على مواقع التواصل الاجتماعي تشارك تجربتها مع طبيبة سعودية تُدعى طرفة المعمر، تتحدث فيها عن “علاج سحري” للمرض المجهول الذي تعاني منه الكثير من الفتيات، على حد وصفها.

حالة سمية وغيرها من الفتيات تُدعى “التشنج المهبلي”، وتصيب السيدات نتيجة للخوف من ألم شديد ونزيف متوقع عند أول علاقة جنسية، ما يؤدي إلى تشنج لا إرادي لعضلات الحوض ومدخل المهبل، وفي بعض الحالات إغلاق لا إرداي شديد للفخذين كوسيلة للحماية الذاتية. ومن بعدها، تفقد المرأة السيطرة رغم رغبتها في إتمام العلاقة الزوجية على الوجه الصحيح.

وبدأت المعمر في تسعينات القرن الماضي بشق طريقها في البحث، ومحاولة إيجاد تفسير ودراسة هذه الحالات.

وباشرت بدراسة هذه الحالات من كندا عام 1994، بالتعاون مع زميلة كندية. ,عندها فقط، اكتشفت الطبيبتان المسمى العلمي لهذا المرض أي “التشنج المهبلي اللاإرادي”.

وخلال حديثنا إلى المعمر، وصفت شعورها آنذاك، وكأنها امتلكت “جوهرة ثمينة”. وأضافت: “بعد أن تعرفنا أنا وزميلتي على وصف هذه الحالة وعلاجها، عدت إلى بلدي، وقررت مساعدة الفتيات اللاتي لا يعرفن عن هذا المرض”، لافتة إلى أنه “رغم التطور التكنولوجي الواسع وانفتاح العقول، لا زال هذا المرض مبهما وغير معروف للكثيرين”.

وأوضحت المعمر: “من أهم الأسباب الأساسية المسببة للخوف من إتمام العلاقة الزوجية هي المفاهيم الخاطئة عن الجهاز التناسلي، ووظيفته الطبيعية خلال العلاقة الزوجية، والحمل، والولادة. وللأسف، هناك الكثير من التخويف وليس التثقيف في مجتمعاتنا، وخصوصا المجتمعات المحافظة. كما أن هناك أفكارا خاطئة تتعلق بأن العلاقة الجنسية مؤلمة جدا في ليلة الزفاف للفتاة، إضافة إلى ارتباطها غير المنطقي بشرف العائلة”.
وقالت المعمر إن “زكاة العلم نشره، والتثقيف الجنسي ليس ترفا أو موضوعا ثانويا بل ضرورة علمية وواقعية”، مؤكدة أن المجتمعات بحاجة إلى تثقيف الأولاد والبنات ثقافة جنسية صحيحة، حتى لا تتكون لديهم مفاهيم خاطئة وغير صحية تتراكم في العقل الباطن.

ورغم وجود العلم الكامل عن الجهاز التناسلي لدى الكثير من الطبيبات والممرضات في المجتمع السعودي على سبيل المثال، لفتت المعمر إلى أنهن ما زلن ضحايا المفاهيم الخاطئة حول العلاقة الجنسية.

وذكرت المعمر أن هذه الحالات يمكن أن تقل عند زيادة الوعي بالثقافة الجنسية والعلاقة الزوجية الصحية في سن مبكرة حتى وقت الزواج.