مرايا –

شهدت السنوات الماضية انخفاضا في منسوب المساعدات والمنح المقدمة للأردن تزامنا مع أزمات عالمية تشعبت بين الاقتصادية والسياسية عانت منها الدول المانحة.
وفي ظل هذا الانخفاض بات لزاما على على الحكومة تتبع استراتيجية مختلفة للحصول على منح اضافية وقروض تساهم في دعم الموازنة العامة ذات العجز المزمن.
خبراء اقتصاديون أكدوا لـ”الغد” ضرورة اتباع طرق جديدة للحصول على منح اضافية من خلال تقديم مشاريع قابلة للتنفيذ وذات آليات واضحة، إضافة لضرورة تخصيصها للإنفاق على القطاعات الاقتصادية التي تؤدي لحل مشاكل الاقتصاد الأردني، إلى جانب اشراك الدول المقدمة لهذه المنح والقروض في ادارة هذه المشاريع لتكون أكثر كفاءة وتحقق أثرا اقتصاديا سريعا وواضحا.
ويشار إلى أن قيمة المساعدات الخارجية من المنح والقروض الميسرة الملتزم بها للأردن خلال العام الماضي 2022 بلغت 4.4 مليار دولار وتشتمل على المنح الاعتيادية والقروض الميسرة ومنح دعم خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية.
وأكد الخبير الاقتصادي حسام عايش أن الظروف العالمية الحالية لها دور في الحد من المنح والمساعدات خاصة الأزمة الاوكرانية والروسية التي ركزت الدول النشطة في تقديم هذه المنح اهتمامها في دعم اوكرانيا واللاجئين بسبب هذه الازمة، مشيرا إلى أن المساعدات والمنح باتت تعتمد على العائد السياسي أكثر من البعد الاقتصادي، فالدول المانحة تحركها مصالحها السياسية وبناء على ذلك عادة ما تقدمها.
وبين عايش أن الدول المانحة عندما ترى بأن ما تقدمه يأتي ثماره، تزيد من حجم ما تقدم فلذلك على الحكومة ان تعكس هذه المنح في القطاعات التي تستقطب مساعدات كالشباب والمرأة، موضحا أن النوع الجديد من المنح يركز على المصالح والفوائد التي يمكن ان يحققها الطرفان جراء تقديم ذلك وليس طرف واحد وهو المتلقي لها.
واشار عايش إلى أن تجربتنا مع المنح والمساعدات المخصصة للأزمة السورية التي تراجعت بشكل واضح ولم تتجاوز منذ سنوات ما نسبته 40 % من حاجة خطة الاستجابة لهذه الأزمة، ما يوضح كيف ان دول العالم عندما رأت بأن الاردن قد أمن الايواء لهؤلاء اللاجئين ومكنهم اجتماعيا واقتصاديا بدأت تخفف من حجم المنح الخاصة بهم.
ونوه عايش إلى أن المساعدات والمنح التي قدمت للأردن كان لها دور في الاقتصاد المحلي، لكنه ليس حاسما داعيا إلى ضرورة تغيير النظرة الحكومية لهذه المنح والمساعدات وبأنها مجرد مكتسبات اضافية، وأن لا يتم الاعتماد عليها بشكل كامل، إضافة إلى أهمية استثمار العلاقة الثنائية الجيدة مع الدول لاستقطاب المنح والمساعدات وتقديم خطط واستراتيجيات للقطاعات التي بحاجة إلى مساعدات ويمكن لها ان تحقق أثرا اقتصاديا.
وبلغت قيمة المنح الاعتيادية الملتزم بها حوالي 1.66 مليار دولار، منها منح لدعم الموازنة العامة أو دعم قطاعي من خلال الموازنة العامة بقيمة 1.12 مليار دولار، والباقي خصص لتنفيذ مشاريع تنموية على المستوى الوطني، في حين بلغ حجم القروض الميسرة المتعاقد عليها حوالي 2 مليار دولار منها 1.47 مليار دولار لدعم الموازنة العامة أو دعم قطاعي من خلال الموازنة العامة والمبلغ الباقي تم توجيهه لتنفيذ مشاريع تنموية تنفذ من خلال الوزارات والقطاعات المعنية، وقد تضمن إجمالي هذه المساعدات المنح الإضافية الموجهة لدعم خطة الاستجابة الأردنية للأزمة السورية بحوالي 760 مليون دولار خلال العام الماضي، حيث تشكل هذه المنح الإضافية ما نسبته 33.4 % فقط من حجم التمويل المطلوب لدعم خطة الاستجابة للأزمة السورية والبالغ 2.28 مليار دولار لعام 2022.
من جهته، أكد الخبير الاقتصادي وجدي المخامرة أن المساعدات المقدمة للأردن خلال السنوات السابقة قد شهدت تراجعا في ظل الازمات الاقتصادية والسياسية التي عانت منها الدول المقدمة لهذه المنح خلال هذه الفترة.
وبين المخامرة أن الحكومة مطالبة أن تتبع استراتيجية مختلفة للحصول على منح اضافية وقروض تساهم في دعم الموازنة العامة، ورؤية التحديث الاقتصادي من خلال تقديم مشاريع قابلة للتنفيذ وذات آليات تنفيذ واضحة، علاوة على أهمية تطبيق مبدأ الشفافية والمحاسبة عند تطبيق هذا المشاريع، إلى جانب إشراك الدول المقدمة لهذا المنح والقروض في ادارة هذة المشاريع، حيث إن هذه المنح والقروض ستشكل اضافة نوعية للاقتصاد الأردني ويمكن من خلالها استقطاب المزيد من الاستثمارات، وتشجيع القطاع الخاص على الاقدام نحو الاستثمار.
ولفت إلى ان هذه المنح والقروض التنموية يمكن أن تشكل أساسا للبدء في مرحلة جديدة من الشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص، إضافة إلى توجيه الاستثمارات الخاصة نحو مشاريع تستهدف البنية التحتية والاستثمار في القطاعات الاقتصادية الواعدة، كالقطاع السياحي والصناعات الغذائية والتحويلية والخدمات اللجوستية والقطاع التكنولوجي وقطاع الزراعة.
وأوضح أن هذه المبادرات والمنح إذا ما تمت ستعود بالنفع على الاقتصاد الوطني وستساعد في تحسين مؤشراته وخلق المزيد من فرص العمل، مؤكدا أن نجاح هذه التجربة سيساهم في تحسين الصورة الاستثمارية للمملكة وجذب المزيد من الاستثمارات الاجنبية التي يعد الاقتصاد الوطني بحاجة ماسة لها في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة.
وإلى ذلك، يرى الخبير الاقتصادي زيان زوانة أن أغلب المنح والقروض التي حصلت عليها الحكومات المتعاقبة لدينا تم صرفها على رواتب الإدارة العامة وتقاعدها إلى جانب تسديد القروض المستحقة عليها، إضافة للنفقات التشغيلية الحكومية، ما يضعف الاثر الاقتصادي للإنفاق الحكومي باختلاف مصادر تمويله.
ومن أجل أن تكون للمنح والمساعدات والقروض آثار اقتصادية بالمفهوم الشامل، دعا زوانة إلى ضرورة تخصيصها للإنفاق على القطاعات الاقتصادية التي تؤدي لحل مشاكل الاقتصاد الاردني والمتمثلة بالبطالة والفقر وارتفاع كلف التشغيل، إضافة إلى ترهل الادارة العامة، والتعليم والصحة والنقل ما يعني بالضرورة إنفاقها على هذه القطاعات بالضرورة.

عبدالرحمن الخوالدة – الغد