غضب وانفعال ثم توافق واعتدال في اللجنة القانونية

المجلس يهدف الى وضع الشأن الداخلي بيد الحكومة حسب احد مهندسيه

اكاديمي يرى ان الغضب كان رد لكرامة النواب المخضرمين بعد فوز الدغمي بالرئاسة

وزير سابق يقول : ثمة ما يطبخ ضد الحكومة بدليل التأليب عليها لمخالفتها الرسالة الملكية

الرئيس يدفع ثمن تلعثم وزيره في الحياة السياسية والشؤون البرلمانية

الانباط – عمر كلاب

في اللحظة التي يصرخ فيها نائب تحت القبة رافضا التعديلات الدستورية المقترحة من الحكومة بحجة انها تضع الصلاحيات كلها بيد الملك, يجزم احد مهندسي مجلس الامن الوطني والسياسات الخارجية, بأن هذا المجلس جاء ليضع الشأن الداخلي التنفيذي بيد الحكومة, ويجنّب الملك التفاصيل الداخلية التي هي من اختصاص الحكومة او السلطة التنفيذية, التي يرأسها الملك بحكم الدستور ,نعم, لكنه يباشر اعمالها من خلال الوزراء, اي تفعيل مبدا الولاية العامة التي يتباكى عليها كثيرون.

مجلس الامن الوطني والسياسات الخارجية, والذي اقترحت الحكومة دسترته في التعديلات الاخيرة قائم فعلا, ويمارس عمله منذ سنوات, لكن المرحلة القادمة تتطلب ان يكون هذا المجلس دستوريا, حتى لا يقع في دائرة التجاذبات السياسية, وهو معمول به في المغرب الشقيق وفي كثير من الملكيات بما في ذلك الملكيات الاوروبية, بل كلنا يعلم ان الملك هو المسؤول عن ملف السياسة الخارجية ولا أظن احدا مؤهلا كما الملك في هذا الملف, ليس على المستوى الوطني بل على المستوى الاقليمي والعربي, وجميعنا يعلم ان الاجهزة الامنية يرأسها الملك ويعينها منفردا منذ التعديلات الدستورية السابقة, فما الجديد في الامر؟ الى هنا ينتهي حديث مهندس المجلس .

ثمة وجاهة فيما يقوله الرجل, فلماذا الضجيج تحت القبة, وهل تغولت التعديلات الدستورية على صلاحية السلطة التنفيذية, وتركت الحكومات البرلمانية او الحزبية القادمة بلا دسم؟ سؤال طرحناه على استاذ اكاديمي منغمس في الحالة المحلية واحد صناع الرأي المؤثرين, فأجاب: لا اعتقد ان ما حدث تحت القبة له علاقة بالتعديلات الدستورية بقدر ما له علاقة بحجم الغضب تحت القبة من النواب الذين نَصفهم بالمخضرمين, بعد جلوس المخضرم عبد الكريم الدغمي على مقعد الرئاسة, فهم يعتقدون ان مناكفة الدغمي قبل الرئاسة هي من جعلت دوائر كثيرة في حلقة صنع القرار تتوافق عليه رئيسا, وبالتالي مارسوا سلوكا لا اقول ثأريا بل رد لكرامة المجلس حسب رأي الاستاذ الاكاديمي.

وزير سابق يرى ان ماحدث تحت القبة اليوم, هو رسالة قاسية للحكومة, فالردود النيابية خرجت عن المألوف, تحديدا في جانب اتهام الحكومة بعدم الالتزام بالرسالة الملكية الموحهة الى رئيس واعضاء اللجنة الملكية لتحديث منظومة الحياة السياسية, كما جاء على لسان النائب المخضرم خليل عطية او الرئيس السابق للنواب عبد المنعم العودات, او على لسان النائب صالح العرموطي, وهدفها قريب مما ذهب اليه الدكتور الجامعي, ويزيد الوزير بان هذه الرسائل تؤلب اركان الدولة ورأسها على الحكومة ولا يستبعد ان ثمة ما يُطبخ لما هو ابعد من ذلك, بخصوص الحكومة ورئيسها من حلقات في دوائر صنع القرار ومن شخصيات مؤثرة طامعة وطامحة بقيادة المرحلة القادمة, فثمة من يبري قلمه منهم حسب تعبيره.

ما جرى تحت القبة في الجلسة الاولى للدورة العادية, يشي ان ثمة ما يطبخ في الخفاء, فالذين تصدوا للهجوم على الحكومة من بوابة التعديلات الدستورية, هم من ابناء العلبة السياسية الواحدة – باستثناء العرموطي صالح – وحراكهم بالعادة مضبوط على توقيت محلي بالضرورة, لكنهم وكما يقول محلل سياسي, استثمروا في الفروقات الهائلة بين الرئيس ومرافعته تحت القبة, وبين احاديث وزرائه تحت الكاميرات او في الجلسات الخاصة, فالوزير المعني بحمل مشاريع القوانين تحت القبة, يتلعثم في مخارج الحروف السياسية رغم جلوسه الطويل على مقعد وزارته, التي لم تحقق اي انجاز يذكر في الحياة السياسية او في العلاقة مع الشؤون البرلمانية, فيما كان وزير الاعلام مرتبكا وتنقصه المعلومة في عرض الموجبات.

مجلس الامن الوطني والسياسات الخارجية وكما قال احد مهندسيه, تظهير لواقع قائم, وتفريغ لمخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية, التي اجتهدت في ابعاد الاقانيم الاربعة , الامن والجيش, السياسة الخارجية, التربية والعليم والتربية الدينية عن التجاذبات السياسية, فالبرلمان القادم سيكون ثلثه حزبي وخلال سنوات عشر ستكون الغالبية النيابية حزبية وبالتالي الحكومة, ويجب عدم ادخال هذه الاقانيم الاربعة في تجاذبات السياسة.

ما جرى تحت القبة في جلسة البرلمان الاولى من عمر دورته العادية, كان ارتداد لغضب مؤقت سرعان ما يجري امتصاصه, بدليل ما خرج به المجلس من توافق على لجنته القانونية التي غاب عنها كل مناكف, مما يشي بأن الرئيس الدغمي حاصر الغضب وامتصه بمهارة استثنائية وعكسه توافقا على اللجنة القانونية التي سيكون بعهدتها كل القوانين والتعديلات الدستورية موضع النقاش والجدل.