مرايا – تُجمع الأحزاب الأردنية على أنّ قانون الانتخاب الحالي لا يخدم الأحزاب بشكل حقيقي للوصول إلى مجلس النواب، ويصبّ بقدر أكبر في مصلحة المعتمدين على المال السياسي والجهويات للوصول إلى البرلمان، وعلى الرغم من ذلك، تتجه هذه الأحزاب إلى المشاركة في الانتخابات البرلمانية في الصيف المقبل.

ووفق تقرير لموقع “العربي الجديد” طالب حزبيون الحكومة، “إن كانت صادقة في رغبتها بالإصلاح السياسي”، بسنّ قانون انتخاب جديد أو تعديل القانون الحالي، مشيرين إلى أنّ إجراء الانتخابات المقبلة من دون تعديل أو تغيير على القانون، هو تمديد للمجلس الحالي “الفاقد لثقة المواطنين”، حسب استطلاعات الرأي الوطنية.

وأعلن الملك عبد الله الثاني، أواخر شهر فبراير/شباط الماضي، إجراء الانتخابات في الصيف المقبل، بالقول: “إننا مقبلون على استحقاق دستوري يتمثّل بإجراء انتخابات نيابية صيف هذا العام”، داعياً إلى تحفيز الجميع على المشاركة في العملية السياسية.

ووفق قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه انتخابات مجلس النواب الحالي في مارس/آذار عام 2016، يجري الترشح لملء المقاعد النيابية المخصصة للدائرة الانتخابية بنظام القائمة النسبية المفتوحة، التي يجب أن تضمّ عدداً من المرشحين لا يقلّ عن 3، ولا يتجاوز عدد المقاعد النيابية المخصصة للدائرة. ويُدلي الناخب بصوته لقائمة واحدة فقط من القوائم المرشحة أولاً، ثمّ يصوت لكل واحد من المرشحين ضمن هذه القائمة، أو لعدد منهم.

ويرى الأمين العام لـ”الحزب الوطني الدستوري” الأردني، أحمد الشناق، في حديث مع “العربي الجديد”، أنه “إذا جرت الانتخابات وفق القانون الساري المفعول، فستكون بمثابة تمديد لمجلس النواب الحالي عبر الاقتراع”، مطالباً الحكومة بمراجعة القوانين الناظمة للحياة السياسية، ومنها ما يتعلّق بالأحزاب والانتخابات. ويضيف الشناق أنه جاء في كتاب التكليف (الصادر عن الملك) “تمكين الأحزاب من الوصول إلى البرلمان”، وهذا يعني، وفق المتحدّث نفسه، أنه مطلوب من الحكومة “فتح ملف الأحزاب السياسية، ومناقشة قانون الانتخاب وكيفية وصول الأحزاب إلى البرلمان”.

وقال الشناق: “في الأردن، هناك أزمة وعدم ثقة في أداء البرلمان، والمرحلة المقبلة صعبة، سواء على الصعيد الداخلي، في ظلّ تشكيك واسع في الأداء الحكومي، أو على الصعيد الخارجي، ولا سيما في ما يتعلّق بالوصول إلى حلّ نهائي للقضية الفلسطينية، وفي ظلّ محيط ملتهب في سورية والعراق، وهذا يتطلب برلماناً يضمّ قوى سياسية فاعلة، بعيداً عن الخطابات والاستعراض والتشكيك”.

وأضاف: “ما عاد النائب بمفرده والعمل الفردي، قادراً على إيجاد الحلول، والأمر يتطلّب عملاً سياسياً جماعياً، وهو ما توفره الأحزاب، ما قد يؤدي إلى استقرار سياسي واجتماعي”، لافتاً إلى أنّ “القانون الحالي يحقّق استقراراً اجتماعياً نسبياً، ولكن هناك حاجة إلى استقرار سياسي، وهذا يكون عبر تطوير قانون الانتخاب، ونظام المساهمة المالية المتعلقة بدعم الأحزاب”.

وتابع الشناق: “المشاركة في الانتخابات بالنسبة إلى الأحزاب صعبة جداً، فالمطلوب على الأقلّ ستة مرشحين في ثلاث دوائر انتخابية، وهي اشتراطات صعبة للحصول على التمويل”، لافتاً إلى “المنافسة الشرسة مع المال السياسي، والجهوية”. ويؤكّد أنّ “قانون الانتخاب الحالي ونظام تمويل الأحزاب، يخدم طيفاً سياسياً واحداً”.

وقال الشناق: “نحن كحزب وطني دستوري نطالب بتأجيل الانتخابات على الأقلّ سنة واحدة، وفتح ملف الإصلاح السياسي على مصراعيه، وتخصيص نحو 30 مقعداً من أصل 120 للأحزاب عبر قائمة وطنية، على ألّا يتجاوز الحزب الواحد ثلث المقاعد، بسبب عدم التوازن في الساحة الحزبية، لتتنافس الأحزاب ببرامجها السياسية”.

بدوره، يرى الأمين العام لحزب “الوحدة الشعبية”، سعيد ذياب، في حديث لـ”العربي الجديد”، أنّ “المشكلة الأساسية التي تعترض الأحزاب هي قانون الانتخاب”، مشيراً إلى أنّ “القانون الحالي منذ أن كان بصيغته الأولى، الصوت الواحد، استهدف عملياً في جوهره الأحزاب السياسية وإضعافها. ففي الصيغة الأولى، نجح القانون بجعل الأحزاب خارج دائرة الفعل، أمّا التعديل الأخير للقانون، الذي أجريت الانتخابات الأخيرة على أساسه، فقد استهدف الأحزاب وبعض الرموز العشائرية التقليدية، وفسح المجال واسعاً أمام المال السياسي”.

ووضح ذياب أنّ القوائم المفتوحة “وفّرت الفرصة لرأس القائمة للنجاح والوصول إلى مقعد نيابي، فيما باقي المرشحين شكليون، أي بلا وزن”، مشيراً إلى أنّ ذلك يمثّل “عودة غير مباشرة لقانون الصوت الواحد، والدليل على ذلك نتائج الانتخابات الماضية وإفرازاتها”. ويلفت إلى وجود شكوك كبيرة تحيط بنزاهة الانتخابات النيابية.

وأضاف ذياب: “بتقديري، لا تزال الأحزاب جميعها تتمسّك بإجراء تغيير أو تعديل على قانون الانتخاب، وترى أنّ صياغة جديدة للقانون من شأنها أن تعطي فرصة لتطوير مجلس النواب ككل، ومنح الأحزاب والفاعليات السياسية والنقابية دوراً في البرلمان، ما يشيع أجواءً من الطمأنينة على المستوى الوطني”. ويتابع: “من دون ذلك، ستبقى حماسة الأحزاب للمشاركة في الانتخابات دون المطلوب ومحدودة جداً، وتجربتها بالمشاركة في الدورة السابقة، كانت محبطة”، مضيفاً أنّ “الرهان على هذه الانتخابات لن يكون كبيراً، ولن تختلف النتائج عن الدورة السابقة باستثناء حصول بعض التكتلات التي يقودها رأس المال، على عدد أكبر من المقاعد”.

وتابع ذياب: “إذا أجريت الانتخابات وفق القانون الحالي، فسيكون التمثيل الحزبي ضعيفاً، وحتى مشاركة المواطنين في العملية الانتخابية ستكون ضعيفة أيضاً، وسيُفرَز مجلس ضعيف، كما المجلس الحالي، ومخيب للآمال”، وفق قوله.

من جانبه، أكد الأمين العام لحزب الوسط الإسلامي، مدالله الطراونة، مشاركة حزبه في الانتخابات المقبلة “من خلال ائتلاف وطني، عبر أحزاب سياسية وشخصيات وطنية”، لافتاً إلى أنّ “الائتلاف سيكون كبيراً وواسعاً، للمشاركة بشكل جدي وقوي في هذا الاستحقاق”.

وحول قانون الانتخاب الحالي، قال الطراونة في حديث ، إنّ هذا القانون “يجب أن يطوّر”، مشيراً إلى أنّ “هناك بعض الإيجابيات في القانون، لكن بما أنّ نظام المساهمة المالية للأحزاب ركّز على المشاركة الحزبية في الانتخابات، فيجب أن يتّسق القانون مع هذا النظام، وهو ما يتطلب تعديله”.

وأوضح: “نظام تمويل الأحزاب ليس شرّاً محضاً ولا خيراً محضاً”، مطالباً بأن يكون للأحزاب التي لها مقرات في مختلف المحافظات “تعامل مختلف”، وأن “لا يتساوى الحزب الذي له مقرات وحضور في مختلف أنحاء المملكة، مع الحزب الذي له مقر واحد، وقيادته ثابتة لا تتغير”.

وتابع الطراونة: “في المجلس السابع عشر (2013) كان للحزب كتلة نيابة، ونأمل في الانتخابات المقبلة تشكيل ائتلاف واسع”، داعياً الأحزاب “إلى إعلان مرشحيها تحت مظلة الحزب، لا الانتماءات العشائرية والمناطقية”.

وانتقد الطراونة ما وصفه بـ”المال الأسود” بالقول: “المال الأسود بدأ بالظهور من الآن، وهناك وعود بدفع الأموال”، مضيفاً: “الأصل ألّا يكون هناك مال سياسي في الانتخابات، في ظلّ رقابة أجهزة الدولة والهيئة المستقلة للانتخابات، ومن الضروري أن نرى مصداقية الحكومة في هذا المجال”.

وبحسب تقرير “العربي الجديد”، يتجه حزب “جبهة العمل الإسلامي” (الذراع السياسية لحركة الإخوان المسلمين في الأردن)، الأكثر حضوراً في البرلمان، إلى المشاركة في الانتخابات المقبلة، على الرغم من المطالبة بتعديل قانون الانتخاب.